صدامات مذهبية في المدينة المنورة تمتد إلى داخل الحرم النبوي أمير المدينة: التعامل مع المشاغبين تم وفق النظام والقانون

نشر في 25-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 25-02-2009 | 00:00
No Image Caption
بعد ثلاثة أيام من إشكال وقع بين مجموعة من الزوار الشيعة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) أمام مقبرة البقيع التي تضم رفات معظم الصحابة، في المدينة المنورة، ألقت السلطات السعودية مساء أمس الأول القبض على تسعة أشخاص عقب مشاجرة وقعت في ساحة المسجد النبوي الشريف. وقال شهود عيان إن المشاجرة جاءت في إطار ردود الفعل على الإشكال الذي وقع يوم الجمعة الماضي، في حين رفضت السلطات تحديد ما إذا كان هناك أي خلفيات مذهبية.

اندلعت امس الاول اشتباكات بين سعوديين من السنة والشيعة في المدنية المنورة امتدت الى داخل المسجد النبوي الشريف، وذلك بعد صدامات مماثلة اندلعت يوم الجمعة الماضي على خلفية مذهبية.

وقال شهود عيان إن العشرات من السعوديين السنة والشيعة اشتبكوا مساء الاثنين بالعصي والحجارة والأحذية و«تخلل الصدامات مطاردات داخل ساحات المسجد النبوي، ما استدعى تدخل الجهات الأمنية وقوات الطوارئ لتفريق المتشاجرين وضبط مشعلي الفتن».

وأضاف الشهود أن «الاشتباكات أسفرت عن وقوع إصابات متعددة جاءت نتيجة حدوث احتكاكات كلامية، بينما بدأت الجهات الأمنية التحقيقات في القضية لاتخاذ اللازم». وقال شهود عيان ان زوار المقبرة من الشيعة رددوا عبارات «مناهضة للحكم» وألفاظا «مسيئة».

وألقت السلطات السعودية مساء امس الاول القبض على تسعة اشخاص عقب المشاجرة على ما افاد به مصدر رسمي امس.

وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي ان «ما حصل مساء الاثنين عبارة عن مشاجرة بين مجموعة من المصلين والزوار في ساحة المسجد النبوي».

وأضاف: «تم توقيف تسعة اشخاص من المتورطين في افتعال هذه المشاجرة للتحقق من دوافعهم، واسباب تطور المشاجرة». ورفض تأكيد المعلومات التي تداولتها مواقع على الانترنت في المملكة، ومفادها ان الشجار كان بين سنة وشيعة، كما نفى ان تكون المواجهة اسفرت عن ضحايا.

الى ذلك، اشار التركي الى «اننا امام موضوع مختلف عما حصل امام مقبرة البقيع (في المدينة). فهؤلاء مجموعة من الزوار، ومن الصعب ان نقول ان هؤلاء شيعة او سنة الآن قبل انتهاء التحقيق» مشيرا الى ان السلطات ستصدر بيانا يوضح «ملابسات الحادث وجنسيات المشاركين في المشاجرة ودوافعهم عند انتهاء التحقيقات مع الموقوفين».

وقال جعفر الشايب وهو شخصية بارزة بين الأقلية الشيعية في السعودية، إن الاشتباكات وقعت بين زوار شيعة للحرم النبوي وقوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقرب من المسجد الذي يضم قبر النبي محمد.

وقال: «حضر نحو 1500 شيعي بالقرب من المسجد لإحياء ذكرى وفاة النبي محمد.» وأضاف: «وسعى رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ملوحين بالعصي ومدعومين برجال شرطة في زي مدني لتفريق الحشد».

وقال الشايب إن بعض الزوار أصيب بجروح بسبب التدافع بعد أن أطلق رجال الشرطة النار في الهواء لتفريق الحشد. وأضاف أن سيارات الإسعاف نقلت بعضا منهم بعيدا. وقال، إن بعض المتاجر المملوكة للشيعة تعرضت للهجوم.

أمير المدينة

وأكد أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبد العزيز بن ماجد أنه يجري التعامل مع الموقوفين في أحداث بقيع الغرقد «وفق ما يقتضيه النظام» في المملكة.

وقال في تصريح نشرته صحيفة «عكاظ» امس إن «من يأتي إلى المسجد النبوي الشريف لتأدية كل ما يتوافق مع السنة فهو مخدوم في كل شيء، ومن يفعل ما يتعارض مع ذلك ويدخل في متاهات، ولا يلتزم النظام، فلن يسمح له، وسيطبق بحقه النظام»، مؤكدا أن «الدين الإسلامي واضح وجلي».

«العالم»

وبحسب موقع «العالم» الإخباري الايراني الناطق باللغة العربية، فقد تطورت الاشتباكات مساء امس الاول التي استخدمت فيها العصي والحجارة، واطلقت عناصر الامن الاعيرة النارية، ما ادى الى مقتل زائرين من منطقة القطيف واصابة آخرين.

وقال الموقع انه «بعد ان اقام الزوار بعد صلاة المغرب من مساء الاثنين العزاء في ذكرى وفاة الرسول، وذلك قرب مقبرة البقيع، أخذت السلطات السعودية تراقب الوضع في بداية الامر عبر حضور مكثف لقوات مكافحة الشغب، وسرعان ما انهالت هذه القوات بالضرب على الزوار بعد اشتباكات عنيفة وقعت بين عناصر تابعة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والزوار الشيعة».

ونقلت القناة الايرانية عن شاهد عيان قوله: ان «قوات الشغب لزمت الصمت فترة من الزمن، كأنها تعطي نحو ألفي سني الضوء الاخضر لضرب الزوار، وحين تجمع نحو 2500 زائر شيعي انتقلت الاشتباكات الى داخل الحرم النبوي (قرب الضريح)، عندها تحركت قوات الشغب لتصب غضبها على الزوار داخل المسجد، وليس على المتسبب الاول في كل هذه الاشتباكات، وهي الهيئة وبعض مناصريها».

اشتباكات يوم الجمعة

وشهد يوم الجمعة الماضي، تظاهرة شارك فيها اكثر 3000 من السعوديين الشيعة امام مركز «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (الشرطة الدينية) في «بقيع الغرقد» بالمدينة المنورة. وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة منددين فيها «بالتمييز» الذي تتعرّض له طائفتهم.

وتضاربت الانباء عن خلفية التظاهرة والاشتباكات التي وقعت يوم الجمعة بين المصادر الرسمية السعودية والصحف السعودية المحلية وبين المواقع الالكترونية الشيعية، وخصوصاً المواقع الايرانية الناطقة باللغة العربية.

ففي وقت قالت السلطات السعودية ان بعض الزائرين لم يلتزموا أوقات الزيارة وأصروا على الدخول الى مقبرة البقيع، اشارت المواقع الالكترونية الشيعية الى ان اعضاء من هيئة الامر بالمعروف صوروا نساء شيعيات يزرن المقبرة، ما أثار ردود فعل غاضبة عند الزائرين الشيعة الذين طالبوا بالحصول على الاشرطة المصورة.

ووفقا لصحيفة «الوطن» السعودية، فقد تجمّع يوم الجمعة الماضي «أكثر من ألف شخص» عند مدخل مقبرة بقيع الغرقد، في الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد النبوي الشريف، «ما أدّى إلى إحداث حالة من الفوضى تضمّنت ترديد شعارات أثارت استياء المصلّين». وأوردت الصحيفة نقلا عن مسؤول في الشرطة قوله إنّ «خمسة أشخاص» قد اعتُقلوا.

ثم أعلنت «الوطن» في عددها الصادر يوم الأحد الماضي أن الأشخاص الخمسة أحيلوا إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، بتهمة «إثارة الفوضى بعد أن تسببوا في إعاقة المصلين عن أداء الفريضة بتجمهرهم في الساحة الشرقية وانتهاكهم لقدسية المكان الشريف بالهتاف ورشقهم لرجال الأمن والموجودين بالأحذية والعلب الفارغة بهدف تصعيد الموقف».

ومن جانبه قال الناطق الرسمي باسم شرطة المدينة المنورة العقيد محسن الردادي إن «الشبان الخمسة تسببوا في أعمال شغب وفوضى بسبب عدم السماح لهم بالدخول الى مقبرة البقيع لأن وقت الزيارة قد انتهى، وتم توضيح ذلك لهم، إلا أنهم رفضوا التزام التعليمات والمواعيد المحددة للزيارة، وتمسكوا برغبتهم في الدخول، وقاموا بالصياح وتعالت أصواتهم أمام بوابة البقيع معترضين ومصممين على الدخول، وعقب ذلك قام رجال الأمن بالسيطرة عليهم وتم إلقاء القبض على الشبان الخمسة، بينما غادرت المجموعات الأخرى الموقع على الفور».

وأثارت هذه الحوادث معركة حامية على شبكة الانترنت، بين المواقع السنية والشيعية.

وقال موقع «الوئام» الإخباري السعودي عن حادثة يوم الجمعة إنّ «ما يقارب السبعة آلاف مواطن من الطائفة الشيعية قاموا بمحاصرة مركز هيئة الأمر بالمعروف ببقيع الغرقد بعد أن منعهم رجال الهيئة من زيارة المقبرة، كإجراء احترازي معتاد نتيجة الممارسات التي تقوم بها تلك الطائفة في المقبرة».

وحسب الموقع أيضا، فقد «حاصر المتجمهرون مبنى مركز الهيئة، وأطلقوا هتافات مسيئة لرجالها ولحكام السعودية، وغيرها من الشعارات التي تدعم أئمة الشيعة خارج المملكة (إيرانيين)»، قبل أن تفرقهم قوات مكافحة الشغب.

من جهته، أورد موقع «راصد» المقرّب من الشيعة نقلا عن متظاهرين قولهم إنّ هذا التجمع ما جاء إلاّ «احتجاجا على مضايقات الشرطة الدينية» وعناصر من هيئة الأمر بالمعروف.

ونقل الموقع اتهامات بعض الزوار الشيعة لأفراد الهيئة بأنهم قاموا بتصوير العديد من النساء الشيعيات أثناء قراءتهن لأدعية دينية خارج مقبرة البقيع، التي تحوي قبور أئمة من أهل البيت وصحابة الرسول محمد.

وزعم الزوار، بحسب الموقع، أن «عناصر الأمر بالمعروف دأبت على تصوير الزوار الشيعة للمدينة والتركيز على النساء، ونشر الأفلام على شبكة الإنترنت للتحذير من الشيعة».

(الرياض - يو بي آي)

back to top