مئذنتا مرقد العسكريين في سامراء تلحقان بالقبة إجماع على ضبط النفس والتيار الصدري يعلق عضويته في البرلمان

نشر في 14-06-2007
آخر تحديث 14-06-2007 | 00:00
فجّرت مجموعة إرهابية مرة أخرى مرقد الإمامين العسكريين في سامراء أمس، مما أسفر عن انهيار منارتي المرقد.

انفجاران بفارق زمني بسيط، نحو الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة سامراء، أجهزا على ما نجا من تفجير فبراير 2006 في المكان نفسه. حينها دمّرت القبة الذهبية لمرقد الإمامين الحسن العسكري وعلي الهادي وتبعها أمس، انهيار منارتي المرقد المقدس لدى الشيعة في العراق والعالم.

العملية أثارت مخاوف من اندلاع موجة عنف طائفي جديدة مشابهة لتداعيات تفجير القبة الذهبية للمرقد مطلع العام الماضي، مما دفع إلى تكثيف انتشار قوات الشرطة والجيش والقوات الأميركية في المكان وإغلاق الطرق المؤدية الى مكان الانفجار، كما فرضت الحكومة حظراً للتجوال في المدينة، اعتباراً من الساعة الثالثة بعد ظهر أمس و«حتى إشعار آخر».

كما دعت القيادات الروحية الشيعية الى«التهدئة وعدم الانجرار وراء الفتنة».

الصدر يهدّئ ويعلق عضوية كتلته في البرلمان

اتهم رجل الدين الراديكالي الشيعي مقتدى الصدر «أيادي الاحتلال الخفية التي تريد بنا السوء» بتفجير المرقد معلناً الحداد ثلاثة أيام. وأضاف الصدر في بيان «نهيب بالشعب العراقي المجاهد أن يدحض ويفشل المخطط الأميركي الإسرائيلي البغيض، الذي يهدف الى بث الفتنة وزرع البغضاء بين المسلمين. وتساءل أين الحكومة من حمايته وبنائه، وبدلاً من أن تستعين بالمحتل في قصف المدن والتهجير والمداهمات، عليها التقرب من شعبها لتخليص العراق ومقدساته من أيدي الاحتلال الكافر».

واستبق الصدر الاتهامات التي ستوجه للسنة بالمسؤولية عن التفجير واحتمال أن تترجم هذه الاتهامات أعمال عنف ضد الهيئات الدينية السُنية بالقول «اعلم أيها الشعب العراقي انه ما من سُني يمد يده على مرقد يضم مثل هذين المعصومين، لذا على جميع القوى الدينية والسياسية توحيد الجهود من أجل بناء المرقدين لكي نبعد شبح الحرب الطائفية الأهلية». ودعا الصدر أن تكون الايام الثلاثة المقبلة « أيام حداد ونشر سواد ورفع الاذان والتكبير في مساجدنا سنية كانت أم شيعية وتنظيم مظاهرات سلمية واعتصامات لكي يشاهد الجميع أن عدو العراق الوحيد هو الاحتلال، لذا على الجميع المطالبة بخروجه».

الكتلة الصدرية تعلق عضويتها

سياسياً طالب الصدر «جميع القوى في البرلمان، الضغط على الحكومة من أجل القيام بواجباتها إزاء شعبها وإلا فهي ليست الحكومة الشرعية المطلوبة» في وقت علقت فيه الكتلة الصدرية أمس، مشاركتها في البرلمان رداً على تفجير المسجد الذهبي في مدينة سامراء إلى حين إعادة إعماره.

من جهته قال رئيس الوقف الشيعي الشيخ صالح الحيدري «إنها المرة الثانية التي يفجر فيها التكفيريون والإرهابيون المرقد بشكل منظم. لقد أرادوا من خلالها إشعال الفتنة قطعاً وهذه إثارة كبيرة».

السيستاني

المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني حضّ «المؤمنين» على «ضبط النفس» وعدم القيام بأي عمل «انتقامي ضد الأبرياء». وأضاف ان المرجعية «تعبر عن غضبها واستنكارها البالغ لهذا الاعتداء الآثم وتبدي أسفها الشديد لتلكؤ السلطات المسؤولة عن القيام بواجبها ونأمل أن تبادر الحكومة الى تنفيذ وعودها باتخاذ خطوات سريعة،وإجراءات لإعادة تشييده».

المالكي

في غضون ذلك، أصدر حزب الدعوة بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي بياناً يتهم «بقايا عصابات الارهاب والتكفير من القاعدة والصداميين باستهداف منارتي مرقد الإمامين العسكريين استكمالا لأجندتهم الخبيثة، التي تسعى الى إحراق العراق بنار الحرب الأهلية».

وعبر عن «استنكاره العمل الإرهابي الجبان» وطالب بـ«فتح تحقيق عاجل مع قوة الحماية المسؤولية عن ضمان أمن مرقد الإمامين العسكريين للكشف عن الملابسات ومحاسبة المسؤولين». واعتبر المالكي أن «الجريمة نفذت بعد نجاح خطة فرض القانون» مناشداً الجميع تفويت الفرصة والوقوف صفاً واحداً بوجه كل مثيري الفتن. وقال«إننا نعتقد أنهم يرتكبون جرائم بعدما يئسوا من إمكان تفتت وحدة الدولة أو إثارة الفتنة الطائفية لذلك يلجأون الى هذه الأعمال». وختم المالكي مطالبا «السياسيين باتخاذ موقف واضح إزاء العمليات الإرهابية».

طالباني

بدوره، ندد الرئيس جلال طالباني بالتفجير «الإجرامي» داعياً الى «الهدوء وضبط النفس وإحباط النوايا الآثمة للمجرمين». واتهم «قوى الإرهاب والفتنة والشر» باستهداف المرقد مؤكداً «اننا ندين بشدة هذه الجريمة النكراء». وطالب «الأجهزة المعنية باتخاذ إجراءات فورية لضبط الأوضاع والتحرك بسرعة للكشف عن مرتكبي الجريمة والقوى المخططة لها والمحركة لأيادي الجناة».

الهاشمي

نائب الرئيس طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي قال إن «الفئة الضالة المجرمة تعاود الكرة مرة أخرى في محاولة يائسة لضرب لحمة الشعب وإعادة الأحداث السوداء، التي شهدها العراق إبان حادث التفجير الإجرامي الأول». وأضاف «نجدد إدانتنا الشديدة لهذا العمل الإرهابي الجبان وندعوا أبناء شعبنا الى التزام الهدوء ووحدة الصف وضبط النفس لتفويت الفرصة على أعداء العراقيين في تحقيق مآربهم ومخططاتهم الخبيثة».

وسار مئات في تظاهرة انطلقت من أمام الحوزة الشيرازية في كربلاء جنوب بغداد للتنديد بـ«الجهات التكفيرية والقاعدة» محملة إياهم مسؤولية«العمل الإرهابي». كما انطلق مئات المتظاهرين في النجف من أمام مقر المجلس الأعلى الاسلامي العراقي باتجاه المدينة القديمة، حيث تجمعوا أمام مكتب السيستاني.

ورفعوا أعلاماً عراقية ولافتات كتب عليها «نعزي صاحب العصر والزمان بالجريمة البشعة» قبل ان يتفرقوا.

وكان المرقد تعرّض لعملية تفجير في 22 من فبراير 2006 أدت الى سقوط جزء من القبة، الأمر الذي أطلق موجة من عمليات العنف الطائفي أوقعت الآف الضحايا في العراق.

إعلان حالة التأهب

قال الجيش الأميركي أمس إن الهجوم الجديد على مزار شيعي بسامراء من شأنه إثارة موجة أخرى من أعمال العنف الطائفية في العراق، وأعلن أنه سيبقي الوضع قيد المراقبة الدقيقة.

وقال المتحدث الليفتنانت كولونيل كريستوفر جارفر«استناداً إلى نتائج هجوم العام الماضي ... نحن نراقب الوضع عن كثب» وأشار إلى أن الجيش الأميركي لم يجر بعد تقييماً مستقلاً للحادث الذي وقع في مرقد الإمامين في سامراء. كما دان البيت الابيض أمس «بشدة» الاعتداء الشديد الذي استهدف مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، معتبراً إياه اعتداء ضد العراقيين جميعهم،داعياً هؤلاء الى الوحدة في مواجهة المتطرفين.

ضريح الإمامين

يوجد ضريح الامامين على الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء على بعد 521 كيلومتراً شمال بغداد ويُعتبر واحداً من أقدس المزارات الشيعية في العالم.

وتعرض الضريح في فبراير من العام الماضي لهجوم أسفر عن تدمير القبة الذهبية للمسجد، الذي يشتهر باسم «المسجد الذهبي» وقتل في الهجوم شخص واحد وأصيب شخصان. واستكمل بناء القبة الذهبية، التي ترتفع لمسافة 86 مترا عام 1950. ويرجع المسجد إلى القرن العاشر الميلادي.

وتسبب ذلك الهجوم في اندلاع موجة من أعمال العنف بين الشيعة والسنة في العراق راح ضحيتها نحو 15 ألف شخص، بالإضافة إلى ترك مئات الآلاف من السكان منازلهم.

ويضم المسجد رفات الإمامين اللذين عاشا في القرن التاسع، علي الهادي وابنه حسن العسكري وهما الإمامان العاشر والحادي عشر للشيعة( الاثنا عشرية)

ويقع ضريح الإمامين بجوار ضريح يعتقد الشيعة أنه الإمام الثاني عشر «الغائب» محمد المهدي، الذي اختفى منه في القرن 12 الميلادي. ويعتقد الشيعة أيضاً أن الامام المهدي سيظهر مرة أخرى ليجلب الخلاص. ويعتقد أن الضريح يحوي أيضا رفات امرأتين من آل بيت النبي محمد.

الجامعة العربية تدين

إلى ذلك أدانت جامعة الدول العربية تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين،الذي أدى إلى انهيار مئذنتي المرقدين، وأرجع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في بيان صدر أمس، هذه الأعمال إلى وجود أيد خبيثة تزيد من إشعال نار الفتنة الطائفية في العراق. ودعا موسى المسؤولين في الحكومة العراقية لاتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لوقف تدهور الوضع الأمني ونزيف الدم، الذي يتعرض له أبناء الشعب العراقي، كما طالب كل القوى والزعامات السياسية والعشائرية، وناشد بشكل خاص المرجعيات الدينية، التصدي لهذه المؤامرات التي تستهدف وحدة الشعب العراقي ونسيجه الوطني، ودعا إلى ضبط النفس لإحباط هذه المؤامرات. كما أدان الرئيس الإيراني تفجير المسجد الذهبي في سامراء أمس، وحمل القوات الأميركية المسؤولية. ونقل التلفزيون الإيراني عن أحمدي نجاد قوله «أنتم بمساندتكم لهذه الأعمال تصعّبون الوضع على أنفسكم».

ومن جانبها، تتهم الولايات المتحدة ايران بزعزعة الاستقرار في العراق بمساندتها مسلحين شيعة هناك.

و­أدانت هيئة علماء المسلمين، أكبر مرجعية للسنة في العراق، الانفجار المدمر الذي ضرب منارتي مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، وحمّلت الحكومة العراقية والقوات الأميركية المسئولية الكاملة. ودعت الهيئة في بيان لها «أبناء الشعب العراقي إلى التحلي بالصبر وضبط النفس وعدم الانجرار إلى فتنة يراد منها خدمة المحتلين وأعوانهم وإخراجهم من المأزق الذي غرقوا فيه».

back to top